كان يظن أنها تعاتبه..
فأخذ يحكي لها أسباب غيابه، ويلومها لأنها أيضا غابت
وبينما كانت تسمع وتسمع كانت أيضا تدرك وتدرك
لم تكن غاضبة.. لم تكن تلومه.. كانت فقط ترى الحقيقة
كانت تدرك أنها في كل مرة غابت فيها، فعلت هذا من أجله
حرصا عليه.. حبا فيه يفوق حبها لنفسها
بينما في كل مرة غاب، فعل هذا من أجل نفسه أيضا
حبا فيها، إنتصاراً لها، إرضاءً لهذا الكبرياء الذي لا يفارقها
كانت تدرك أنه في كل مرة إبتعد، كان حريصا أن تظل في مداره
كان يرضيه أن تبقى الفتاة التي لم تحب أحداً غيره
بينما هو يعيش قصصه، ويحكي ويصنع لحظات وذكريات
وعندما تكاد تختفي وتنسحب، كان يرسل من يخبرها أنه مازال يهواها
كان يحاول أن يفهم ملامح وجهها، يسترضيها ولم يكن يعلم أنها ليست غاضبة
لم يكن يعلم أنها كانت فقط تدرك أنه لم يحبها أبدا
وأنه لا يمكن أن تعاتب شخصا لأنه لم يحبك لأننا لا نملك قلوبنا
ولو كنا نملك قلوبنا، كانت رحلت منذ زمن
كان يحكي، وكان شيئا ما في قلبها يتغير
كانت تدرك أنها أصبحت ترى ملامحه مختلفة الآن
كان صوته يزعجها، وإبتسامته تخيفها
كانت تتذكر كل الوجع الذي عاشته في غيابه، وكل القهر الذي شعرت به وهي تسمع قصصه
كانت ترحل، لأنها كما يقولون ليست غاضبة، كانت مدركة والمدرك لا يعود.