8.24.2019

المدرك لا يعود


كان يظن أنها تعاتبه..
فأخذ يحكي لها أسباب غيابه، ويلومها لأنها أيضا غابت
وبينما كانت تسمع وتسمع كانت أيضا  تدرك وتدرك
لم تكن غاضبة.. لم تكن تلومه.. كانت فقط ترى الحقيقة

كانت تدرك أنها في كل مرة غابت فيها، فعلت هذا من أجله
حرصا عليه.. حبا فيه يفوق حبها لنفسها
بينما في كل مرة غاب، فعل هذا من أجل نفسه أيضا
حبا فيها، إنتصاراً لها، إرضاءً لهذا الكبرياء الذي لا يفارقها

كانت تدرك أنه في كل مرة إبتعد، كان حريصا أن تظل في مداره
كان يرضيه أن تبقى الفتاة التي لم تحب أحداً غيره
بينما هو يعيش قصصه، ويحكي ويصنع لحظات وذكريات
وعندما تكاد تختفي وتنسحب، كان يرسل من يخبرها أنه مازال يهواها

كان يحاول أن يفهم ملامح وجهها، يسترضيها ولم يكن يعلم أنها ليست غاضبة
لم يكن يعلم أنها كانت فقط تدرك أنه لم يحبها أبدا
وأنه لا يمكن أن تعاتب شخصا لأنه لم يحبك لأننا لا نملك قلوبنا
ولو كنا نملك قلوبنا، كانت رحلت منذ زمن

كان يحكي، وكان شيئا ما في قلبها يتغير
كانت تدرك أنها أصبحت ترى ملامحه مختلفة الآن
كان صوته يزعجها، وإبتسامته تخيفها
كانت تتذكر كل الوجع الذي عاشته في غيابه، وكل القهر الذي شعرت به وهي تسمع قصصه
كانت ترحل، لأنها كما يقولون ليست غاضبة، كانت مدركة والمدرك لا يعود.

8.15.2019

عندما تعود سأحكي لك

وعندما تعود سأحكي لك
سأخبرك أن لا شيء حدث في غيابك
توقفت الحياة.. توقفت الأحداث
ربما أخبرك عن هؤلاء الأشخاص، وبعض الأفلام والأغاني
وعندما تسألني عن الكتب، سأقول لم أقرأ الكثير في غيابك
وعندما تسألني عن الأماكن، سأدرك أني لم أعد أتعلق بالأماكن
زائفة هي الأماكن، زائفة وزائلة، تحمل بقايا بشر مروا بها ومضوا
تبقى الأماكن على الحياد، تمنح جمالها لهذا الزائر العابر الذي يتغزل بها
كما منحته يوما لمالكها الذي بذل الكثير ليمنحها زخارف تحميها من الوحدة بعد غيابه

في غيابك أهرب من الزيف والزخارف والعابرين
لا أريد شيء يحميني من الوحدة
أكره الأساور والأقراط والعقود
وهذه الأوشام والعيون الزائفة والشعر المصبوغ
والصور الشخصية  المحمومة التي تبحث عن علامات إعجاب تطئمنها على جمال زخارفها
أكره كل شيء يقيدني كل شيء لا ينتمي لجسدي

أشاهدك في الحلم معها..
أفكر، لماذا تغطي لون عينيها الجميل، بلون أخر مائع، ضائع في ملامحها؟
أفكر، هل تطلب منها أن تنظر لعينيك لتقرأ صدقها كما كنت تفعل معي؟
هل تستطيع قراءة العيون الزائفة، أم أنك منذ رحلت توقفت عن قراءة العيون؟
أشفق عليها، كل هذه المساحيق، والنظارات الشمسية، والعلامات التجارية
 كل هذا الزيف، والكلمات التي تحمل غير معناها..  كل هذا الخوف..
تخيفني الوحدة أيضا مثلها، لكنك ستعود..

وعندما تعود، لن أسألك عن شيء.. سأخذك لنمشي كثيرا.. ونحكي كثيرا
نتعجب كيف لا تنتهي الحكايات ولا ينتهي الطريق ولا نتعب أبدا
سنبحث عن أماكن بها أشجار كثيفة حنونة،  وجداول، وممرات طويلة
أماكن تزهو بجمالها الذي لم يزخرفه أحد
أماكن لا تخشى الوحدة ولا تمل وهي تنتظر مرور أشخاص يشبهونا
 أماكن لا تنتظر العابرين

8.11.2019

وحدك ووحدي

 عندما إتفقنا أن يذكر كل منا صفة واحدة تميز الأخر
 قلت لك أنك جميل
يومها ضحكت بشدة، ولمحت نظرة الزهو تلك تشتعل في عينيك
وقلت لي أن الرجل يوصف بالوسامة وليس الجمال
ابتسمت لزهوك، وأخبرتك أن الروح ليست رجل أو إمرأة، لذلك يجوز أن توصف بالجمال
يومها خفت أن أقول لك أن هذا الاعتزاز بالنفس والكبرياء هو ما يميزك

وعندما سألتك عني، ترددت لبرهة قبل أن تقول لي: أنت محيرة
وقبل أن أسأل إستطردت قائلا: أنظري إلى كل هذا الهدوء والسلام الذي يحيطك
وما أن يقترب أحدهم، حتى يخيفه جموحك العصي عن الترويض
تظنين أنك شديدة الوضوح، لا تخفي ملامح وجهك شيئا مما داخلك
وما أن نتحدث قليلا، حتى أدرك أنك ستبقين غامضة للأبد
وأن هناك تحت هذه المشاعر التي يعجز وجهك عن إخفائها، الكثير الذي لا يعرف عنه أحد شيئا

وعندما إفترقنا، ظللت أراك جميلا وظللت تراني محيرة
كنت أخاف من كبريائك وكنت تخاف من جموحي
كنت أعرف أن لعنتي أني أحببتك ولن أستطيع أن أحب أخر مهما حاولت
وكنت تعرف أن لعنتك أن قلبك عصي عن الحب.. نعم لن تستطيع أن تحب إمرأة أبدا
وما جمعنا، فرقنا دون عودة..

كان على أن أستكمل الطريق وأنا أحبك وأفتقدك وأعرف أني لن ألقاك
وكان عليك أن تمضي، وتحمل ذنب إمرأة لم تستطع أبدا أن تحبها
 إمرأة لم ترضى أن تحبها بعقلك، وتكون معك دون أن تملك قلبك
كان عليك أن تخوض رحلاتك في البحث عن دواء للعنتك
وتحمل كرامة جريحة من رفض تلك التي تعرف أنها أحببتك عمرها كله
وكان عليها أن تبتعد وتبتعد حتى تجنبك ونفسها رحلة جديدة من الألم

كنت أعرف أن اليأس راحة
ربما كنت أنتظر هذا اليوم الذي أعرف أنه لن يأتي
فيتخلص قلبي من لعنته ويتوقف عن حبك
ويتخلص قلبك من لعنته ويستطيع الحب

 كثيرا ما كان يتملكني الحنين والقلق، فأكاد أن أكلمك لأطلب منك فقط أن تطمئني عليك
وكثيرا ما كنت تفتقدني، وتكاد تطلب مني يائسا أن أقبل قلبك كما هو وأكون معك، ربما تشفى يوما ما من اللعنة
كثيرا ما كنت أكاد أن أرسل لك رسالة مجهولة لأحذرك من هذا الذي عرفت أنه لا يريد بك خيرا
وكثيرا ما كنت تلمح لي أنك سوف توسع هذا الذي يتلصق بي على صفحتي ضربا، حتى يكف.

وحدك ووحدي
أريدك بقلبي وتريدني بعقلك
أبكي كثيرا، وتبكي أحيانا
يطمئني وجودك، ويطمئنك وجودي
يعذبني وجودك، ويعذبك وجودي
يئسنا من الخلاص.. يئسنا من الأغنيات.. يئسنا من الأحلام
ربما يوما ما نجد أحد العرافين صدفة، فيحررك من لعنتك، وأرجوه أن يبقي لي لعنتي..