4.21.2019

رسالة أعلم أنك ستجدها


إستيقظت يوما ما، وأنا أفكر أنني ربما إكتفيت من الحياة
قررت أن أستعد للفراق
يجب أن أكون جميلة وأنا أودعكم
لا بأس من بعض الهدايا والرسائل لكي تذكروني أحيانا
أخذت أجهز نفسي وأعد صناديق الهدايا الملونة
أملئ الصناديق بالذكريات
وأكتب الرسائل ربما لأترك لكم قليلا من البهجة أو الحزن

كنت أمامي مثلما كنت دائما
أنظر إليك وأسألك السؤال الذي لا أزهد من طرحه
هل ستحزن إذا رحلت؟ هل ستندم؟ هل ستشعر بالوجع؟
تومئ عينيك بالإيجاب، ولا أدري هل يسعدني هذا أم يحزني
لكني أفكر أني لابد أن أترك لك رسالة
أترك لك رسالة في هذا المكان وأنا أعلم أنك ستجدها
كنت دائما مولع بالألغاز والغموض والتحدي
ربما لو كنا في زمن أخر لوضعت رسالتي في زجاجة وألقيتها في البحر الذي نحبه كثيرا
فيجدها شخصا ما لا نعرفه، وينشرها في كتاب وتقرأها وتعرف أنها أنا وأن الرسالة لك..

ماذا سأكتب لك؟ هل أقول عزيزي، لقد كنت دائما عزيزاً على نفسي؟
ربما حبيبي أفضل، كما إعتدت أن أناديك في الفترة الأخيرة؟
سأبدها بإسمك، كنت أحب أن أناديك به دون تدليل
كنت دائما أكره الكلمات العائمة التي يمكن أن تعني أي شخص
وكنت أشعر بغربة كبيرة حين تناديني بها..
أنظر لعينيك الآن وأنا أكتب وأشعر بغربة كبيرة.. من أنت
أتمنى أن تعود أنت للحظة واحدة وأنت تقرأ الرسالة
لا تقرأها وأنت هذا البعيد الذي يداوي كبرياء جريحة بكثير من من القسوة والإبتذال
لا أريد أن أرحل وأنا أراك هكذا..

حسنا، كيف أبدأ الرسالة؟ لقد إعتدت أن تنساب كلماتي وأنا معك، لماذا أرتبك الآن؟
هل أحكي لك عن لحظات الوجع المميتة التي شعرت بها بعد بعدك، وشعوري أنك على حق وأنني لا أستحق الحب؟
لا، لا أريد أن أتذكر هذه الفترة، كنت أكره نفسي حتى لا أكرهك
هممم، هل أحكى لك كيف أحببتك منذ النظرة الأولى في ذلك اليوم البعيد، لكنك تعرف ذلك دون أن أحكي..
كنت تقول لي أنك تجيد قراءة لغة العيون..
لكنك لم تكن تعرف أن كبريائك سيغمي عينيك في إحدى اللحظات فلا ترى ولا تقرأ
كنا دائما نلعب هذه اللعبة المنهكة، أقترب فتبتعد وأبتعد فتقترب

دعني أختصر وأقول لك، أن روحي كانت تتألم في كل مرة إبتعدنا فيها
لكن في المرة الأخيرة روحي كانت تحتضر.. كنت أنتفض ليلا من الألم
أنتفض وأنا أرجو أن ينتهي كل شيء لأني لم أعد أتحمل المزيد
وأنت غاضب بعيد، وأنا أموت وحدي
ثم إنتهى الألم، وكان على أن أكمل قليلا دون روح
كان هذا أفضل، من أن أموت كل ليلة حزنا وألما وضياعا
لم أكن أريد أن أحدثك في رسالتي عن الوجع والموت
كنت أريدك أن تذكرني دائما في صورتي الأفضل عندما كنت معك
عندما كان مجرد وجودك يزرع الحياة بداخلي فأنمو وأزدهر وأملئ الكون بهجة

أذكرني عندما كنا نبدأ الحديث وننتقل دون تفكير من موضوع لآخر
ونفاجئ بمرور الساعات ونقول كل ما بداخلنا دون خوف
عندما وجد كل منا في الأخر رفيق للبوح والفرح
عندما كنا استراحة من قسوة الحياة، لم تكن حتى تبدو بهذه القسوة لأننا كنا معا

حسنا أريدك أن تحزن قليلا لرحيلي، لكن لا تحزن كثيرا
فبعض اللحظات تكفي لكي تكون ممتنا للحياة دائما
القليل من الصدق وسط كل هذا الزيف والإدعاء يستحق
عُد نفسك، تخلص من القسوة، ليس عليك أن تثبت لأحد شيئا
عُد نفسك، ربما أزورك في حلم ما، ونستكمل هذا الحديث الذي لا ينتهي
ربما حينها، تحكي لي بفخر، كيف وجدت الرسالة رغم أني خبئتها جيدا
وأضحك أنا لأنك تتحول إلى طفل يتباهي بإنتصاراته الصغيرة
وتنهال الحكايات والضحكات، ثم نخطف لحظة جادة وحيدة تبقى  لما بعد الرحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق