تحاول التركيز فيما تكتب..
يأخذها النيل ومتابعة رواد المقهى من عملها..
تحدق لدقائق في هذا النهر الذي طالما غسلت صورته روحها..
ثم تتابع بعض من يجلسون حولها محاولة تخيل قصة ما تجمعهم.
رأته وعرفته..
حاولت تجاهل ما رأته..
لم تتحمل ان تنظر اليه كثيرا..
سنوات مرت ولم تراه الا على شاشة حاسبها المحمول..
سنوات مرت وحولته الى ذكرى ظنت أن قلبها لن يهتز لها بعنف.
لم تتوقع ان وجوده حولها يربكها، ويرجف روحها إلى هذا الحد..
طمأنت نفسها الى أنه غالبا لن يلاحظها..
وإن لاحظها قد لا يعرفها..
ولو عرفها قد لا يجرؤ ان يتحدث معها..
حاولت أن تنشغل بالكتابة لكنها في الواقع كانت ترى شاشة بيضاء..
وكانت تضغط على أزرار بلا هدف.
سمعت حروف اسمها بصوته..
حياها واستأذنها في الجلوس..
سألها عن أحوالها وتحدث قليلا عن نفسه وعمله وأولاده..
أخبرها عن حياته في كندا وأنه في زيارة سريعة ربما أخيرة لمصر..
لا تدري كيف رسمت هذه الإبتسامة المحايدة على وجهها..
وكيف خرجت الحروف غير مرتعشة..
تجيد هي التمثيل أحيانا.
تابعته عبر باب المقهى الزجاجي وهو يعبر الشارع..
أحست أنه يعبر حياتها بلا عودة..
أخبرت نفسها أنها ربما لم تحبه أبدا..
لم يكن الأمر أنه لم يحبها كما يكفي..
او أنها كانت خائفة لدرجة ابعدته عنها..
تنهدت تنهيدة الحقيقة..
لقد كان قصة في عقلها..
قصة عاشتها طويلا... كتبتها كثيرا... إجترتها حتى فقدت كل معنى..
لو كانت أحبته حقا لكانت معه منذ سنوات..
لو كانت أحبته لكان عاد إليها كما وعدها يوم رحل..
كانوا يجلسون الآن سويا في ظلام شرفة منزل هادئ دون كلام..
لأن شيئا أقوى من الكلمات كان دائما يجمعهم..
لأن شيئا أقوى من الكلمات كان دائما يجمعهم..
رن هاتفها المحمول بنغمة رسالة..
رقم مجهول وكلمات تقول "لقد أحببتك يوما ما بصدق"
هتف قلبها بداخلها "وأنا أيضا"
هتف قلبها بداخلها "وأنا أيضا"